موسوعة تاريخ الأندلس - مؤنس 1-2

حسين مؤنس

Text

PDF

تاريخ الأندلس
وقد عجل طارق فسار في أثر الهاربين حتى أدرك الكالاد ايناريس المعروفة بقلعة عبد السلام إلى
الشمال الغربي من طليطلة، ثم أدركه الشتاء، فعاد إلى طليطلة وأراح فيها.
ووصل خبر هذا النجاح الباهر إلى موسى بن نصير في القيروان وهنا نجد نفرا من المؤرخين يذهبون إلى أن الغيرة استبدت بموسى فغضب على مولاه وأرسل إليه يأمره بالوقوف عند هذا الحد وأن ينتظر حتى يقدم هو عليه، ونجد كذلك نفرا آخر منهم يقولون : إن موسى غضب على طارق فعلا ولكن ليس نتيجة للحسد وإنما خوفا على جند المسلمين من الترامى إلى هذا البعد في بلد فسيح ودون نظر إلى العواقب، وربما كان رأى هؤلاء الأخيرين هو الأصوب لأننا نعلم أن طارقا بعد أن استقر في طليطلة بعث إلى مولاه بتفصيل ما دار في الفتوح وطلب إليه مددا.
ولم يتردد موسى فى المسير إلى الأندلس فى قوة كبيرة ووصل فى الشتاء أواخر ۷۱۱ وأوائل ٧١٢م إلى طنجة، وفى يونيو ۷۱۲م رمضان (٩٣هـ عبر إلى الأندلس في قوة تقدر بثمانية عشرة ألف رجل غالبيتهم العظمى من العرب هذه المرة، وكان فيهم عدد كبير من كبار رجال القيسية والكلبية وعدد كذلك من التابعين أشهرهم على بن رباح وحنش بن عبد الله الصغاني.
نزل موسى فى الجزيرة الخضراء، ولم ير – بناء على نصيحة رجاله وحلفاء المسلمين من أهل البلاد - أن يفتح جانبا من شبه الجزيرة وهو في الطريق إلى طليطلة، فبدأ بالاستيلاء على شذونة واستولى كذلك على حصنين كبيرين إلى جوارها هما قرمونة وقلعة وادى أيره، ثم تقدم نحو إشبيلية وحاصرها حتى سلمت بعد وقت قصير وانسحبت حاميتها إلى الغرب إلى مدينة نبلة -Nie bla وهي اليوم من مدن البرتغال..
وتقدم موسى نحو ماردة وكانت من كبار بلاد إسبانيا القوطية يحيط بها سور كبير حصين، وقد اعتصم بها جانب كبير من جيش لذريق المنهزم فحاصرها موسى واستعمل في ذلك أدوات