Text

PDF

القدماء والمحدثون (١)
الجهاد بين القديم والجديد
ونتائجه في فروع الحياة المختلفة
مصدره
مظهره
في الحياة الأدبية - آثاره العظيمة في الأدب اليوناني ، وآثاره الضئيلة في الأدب العربي .
من
لم يخل عصر أدبى فى حياة الأمم ، التى كان لها نصيب من الأدب وحظ في إتقان القول وإجادته ، من هذه المسألة مسألة القدماء والمحدثين » . ولم تظهر هذه المسألة فى عصر من العصور أو عند أمة ، إلا أحدثت الأمم خلافاً عظيماً وجد الا عنيفاً وقسمت الأدباء على اختلاف فنونهم الأدبية أقساماً ثلاثة : قسم يؤيد القدماء تأييداً لا احتياط فيه ، وقسم يظاهر المحدثين مظاهرة لا تعرف اللين ، وقسم يتوسط بين أولئك وهؤلاء ، ويحاول أن يحفظ الصلة بين قديم السنة الأدبية وحديثها ، وأن يستفيد من خلاصة ما ترك القدماء ، ويضيف إليها ما ابتكرت عقول المحدثين من ثمرات أنتجها الرقى ، وأثمرها تغير الأحوال وتبدل الظروف
كذلك كانت الحال قديماً ، وكذلك كانت الحال في هذا العصر الذي نعيش فيه . وفى الحق أن الاختلاف بين القديم والمحدث ليس مقصوراً على الأدب وحده ، وإنما هو يتناول كل شيء : يتناول الفن والعلم ؛ ويتناول الفلسفة ، ويتناول الحياة نفسها في فروعها المختلفة المادية والسياسية والاجتماعية . وذلك معقول ؛ لأن الحياة الإنسانية ، كما قلنا غير مرة ، تقوم على أصلين لا ثالث لهما ولا محيد عنهما ، هما البقاء من ناحية ، والاستحالة من ناحية
أخرى فنحن بحكم البقاء وحاجتنا إليه ، مضطرون إلى أن نصل بين أمس واليوم والغد ، مضطرون إلى أن نصل بين القديم والجديد ، مضطرون إلى أن نشعر
(۱) نشرت بجريدة السياسة في ١٧ ربيع الثاني سنة ١٣٤١ هـ ، ٦ ديسمبر سنة ١٩٢٢ م .