الضعفاء والمتروكين - ابن الجوزي - العلمية 1-3

ابن الجوزي

Text

PDF

الله الرمد الي
إِنَّ الحَمْدَ الله نَحْمَدُهُ ، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومِنْ سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المُهتَد ، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله . إنها آية من آيات الله - تبارك وتعالى - أظهرها سبحانه لمن أراد أن يذكر منهم أو أراد شكوراً .
إذا كان الله تبارك وتعالى قد أنزل فيما أنزل من أنوار تنزيله قوله جَلَّ وَعَزَّ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّل إِلَيْهِم وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرون) .. فإذا كانت السنة بهذه المنزلة التي أظهرتها الآية الكريمة بجلاء فقد شاءت حكمة الله تبارك وتعالى - أن يحفظ هذه السنة نقية طاهرة حتى يظلَّ البلاغ قائماً إلى يوم الدين فأنشأ رجالاً كانوا أعجوبة الزمان على مر الأيام في قوة حافظتهم، وسرعة بديهتهم،
وحرصهم على جمع (۱) سُنَّة نبيهم فكانوا نِعْمَ مَنْ سَمِعَ وبلغ ما أمرهم به يوم وقف بين الناس في خطبة الوَدَاع خطيباً فقال: « بَلِّغُوا عَني ولو آية .. » ، « ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب ، فصار حُبُّ أحدهم وهَوَاهُ كله في هذا العلم ويرحم الله رَجُلاً منهم حَضَرَتْهُ الوفاة فقيل له : ما تشتهي؟
(1) من معاني : الجَمْعُ : الحِفْظُ في الصدر.