نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

تاريخ الأندلس
-٥ عصر الولاة ٧١٦ - ٧٥٨م :
تولى أمر الأندلس خلال هذه الفترة ۲۲ واليا، حكم واحد منهم مرتين، ومعنى ذلك أن متوسط مدة الوالى أقل من سنتين، وهذا وحده يكفى لإعطائنا فكرة عن عدم الاستقرار الذي ساد الأندلس خلال هذه الفترة.
وبعد أن درسنا تاريخ المغرب خلال هذه الفترة نتبين أن ذلك القلق كان هو الأمر المتوقع، فلدينا أولا اضطراب السياسة العامة لبنى أمية بعد الوليد بن عبد الملك ووقوعها فريسة للعصبيات القبلية والشخصية، وكان لا بد أن يكون لذلك كله أثره فى الأندلس كما كان له أثره الذي رأيناه في
المغرب.
وهناك كذلك الخلاف الكبير بين العصبات العربية في المغرب، ثم خلاف العرب البلديين مع العرب الشاميين، ثم خلافات هؤلاء جميعا مع البربر، وكان لابد أن يمتد ذلك لكله إلى الأندلس وهناك أيضاً التنازع على السلطان بين الطامحين فيه، وقد رأينا ما كان من أمر حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع وابنه عبد الرحمن ولدينا في الأندلس ما يشبه ذلك.
يضاف إلى هذا كله أن الأندلس بلد قائم بذاته وله ظروفه التى لا تشبه ظروف أي بلد مما فتحه المسلمون في ذلك الحين، فإن الأندلس كان ثغرا لبلاد المسلمين، وكان لا بد لأهله من العرب من مواصلة الفتوح فيما يليه من البلاد، ويستوقف نظرنا أن العرب برغم مشاغلهم الكثيرة في الأندلس استطاعوا أن يواصلوا الفتوح فى غالة نحو ٢٠ سنة بعد تمام فتح الأندلس وكسبوا خلال هذه الفترة انتصارات كبيرة تضيف صفحات مجيدة إلى سجل الفتوح الإسلامية، ولا يقلل من أهمية هذه الفتوح أنها وقفت بعد موقعة بلاط الشهداء، لأننا سنرى أن المد العربي كان لا يمكن أن
۲۸