موسوعة تاريخ الأندلس - مؤنس 1-2

حسين مؤنس

Text

PDF

تاريخ الأندلس
٤ - ولاية عبد العزيز بن موسى
واستكمال فتح الاندلس ٧١٤ - ٧١٦ :
ونلاحظ أثناء الشهور الأخيرة لموسى وطارق أن فتح الأندلس أثار في المغرب كله حركة كبرى، فتسابق الناس إلى العبور إلى تلك الأرض الجديدة الغنية ليستقروا في نواحيها ويصيبوا من خيراتها، ويقول الرازى : إن الناس عبروا على كل ما يستطاع العبور عليه حتى جذوع الأشجار، ولهذا فإننا نجد في شبه الجزيرة ابتداء من أيام عبد العزيز بن موسى ألوفا بعد ألوف من المهاجرين الجدد ينساحون في كل ناحية من نواحى شبه الجزيرة، وفى بعض الأحيان نجد بطونا بأسرها من قبائل بريرية تعبر إلى الأندلس وتستقر في نواح قاصية مثل قشتالة القديمة، ولكن أكثر الاستقرار كان في أحواض الأنهار الأربعة الكبرى : الوادى الكبير والوادى أنة وتاجه وإيرو، وفي أحواض هذه الأنهار ستنمو الجماعات الإسلامية الضخمة التي ستكون سكان الأندلس الإسلامي.
وكان عبد العزيز بن موسى يشعر بالفعل أن عليه أن يتم ما تركه أبوه من فتح، وقام بجهد كبير في هذا السبيل ولكن التفاصيل التي لدينا عن أعماله قليلة، فنحن نعلم أنه قام عقب توليه الأمر بحملة على غرب شبه الجزيرة ففتح بابرة وشفترين وقلمرية، وفى نفس الوقت كان قواده يستكملون فتح الشمال الغربي من شبه الجزيرة إلى جبال البرت واستولوا على برشلونة وطرطوشة وجرونة. وأرغونة، وهذه الأخيرة تقع شمالى الجبال وفي جنوبي فرنسا.
وقام عبد العزيز بن موسى بنفسه بحملة واسعة على شرق الأندلس ففتح البيرة وهي بلدة كانت تقوم على مقربة من موقع غرناطة، وكانت غرناطة إذ ذاك قرية صغيرة جدا فلم يعظم أمرها إلا فيما بعد، وإلى أواخر القرن العاشر الميلادى كانت البيرة لا غرناطة هي عاصمة ذلك الإقليم، وقد أطلق اسمها على كورة واسعة تشمل حوض نهر شنيل فرع الوادى الكبير.