اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم - ت الفقي والصابوني

أحمد بن عبد الحليم

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

تتبعوا أهواء قوم قد ضَلُّوا من قبل ، وأضلوا كثيراً ، وضلوا عن سواء السبيل ( وهذا خطاب للنصارى ، كما دل عليه السياق . ولهذا نهاهم عن الغلو . وهو مجاوزة الحد ، كما نهاهم عنه في قوله ( ٤ : ١٧١ يا أهل الكتاب لا تتغلوا في دينكم ، ولا تقولوا على الله الا الحق . انما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها الى مريم وروح منه ) .
واليهود مقصرون عن الحق . والنصارى غالون فيه
فأما و
اليهود بالغضب ، والنصارى بالضلال : فله أسباب ظاهرة
اليهود
والنصاري
وباطنة ، ليس هذا موضعها . وجماع ذلك : أن كفر اليهود أصله : من جهة عدم العمل بعلمهم . أصل كفر فهم يعلمون الحق ، ولا يتبعونه قولا ، أو عملا ، أو لا قولا ولا عملا ، وكفر النصارى : من جهة عملهم بلا علم . فهم يجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله . ويقولون على الله ما لا يعلمون . ولهذا كان السلف ، كسفيان بن عيينة وغيره يقولون « من فسد من علمائنا : ففيه شبه من اليهود . ومن فسد من عباد نا : ففيه شبه من النصارى ، وليس هذا أيضاً موضع شرح ذلك . ومع أن الله قد حذرنا سبيلهم ، فقضاؤه نافذ بما أخبر به رسوله مما سبق في علمه ، حيث قال ، فيما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لَتَتَّبعنَّ سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة (۱) ، حتى لو دخلوا جحر الدخلتموه . قالوا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ .
.
وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم « لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون ، شبراً بشير ، وذراعاً بذراع ، فقيل : يارسول الله ، كفارس والروم ؟ قال : ومن الناس الا أولئك ؟ ،
(1) القذة بضم القاف وفتح الذال مشددة - احدى ريش السهم .
-
M