اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم - ت الفقي والصابوني

أحمد بن عبد الحليم

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

وفي قوله ( ٥ : ٦٤ وقالت اليهود يد الله مغلولة ، غلت أيديهم ، ولعنوا بما قالوا ، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) وهي حقيقة عرفية ، ظاهرة من اللفظ ، أو هي مجاز مشهور .

وبازاء قبض أيديهم : قوله في المؤمنين ( يؤتون الزكاة ( فان الزكاة وان كانت قد صارت حقيقة شرعية في الزكاة المفروضة ـ فانها اسم لكل تفع للخلق : من نفع بدني أو مالي . فالوجهان هنا كالوجهين في قبض اليد.
ثم قال ( نسوا الله فنسيهم ) ونسيان الله : ترك ذكره .
وبازاء ذلك قال في صفة المؤمنين ( يقيمون الصلاة ) فان الصلاة أيضاً تعم الصلاة المفروضة والتطوع ، وقد يدخل فيها كل ذكر الله اما لفظاً واما معنى (۱) قال ابن مسعود رضي الله عنه « ما دمت تذكر الله فأنت في صلاة ، وان كنت في السوق ، وقال معاذ بن جبل « مدارسة العلم تسبيح » . ثم ذكر ما وعد الله به المنافقين والكفار من اللعنة ، ومن النار والعذاب المقيم في الآخرة .
(۱) لعله
رحمه الله
.
يريد بالمعنى : الحال یعنى أن يكون المؤمن بحاله في الاستقامة ، وتقدير نعم الله وشكرها بوضع كل نعمة في موضعها الذي تقتضيه حكمة الرب ورحمته وأسماؤه وصفاته : فانه يكون بذلك ذاكراً لربه لأن الذكر ضد النسيان والغفلة . فما يسيء عبد الى نفسه بوضع النعم في غير موضعها ، واستعمال قلبه وعقله وجوارحه في غير ما تقتضيه حكمة الرب ورحمته وأسماؤه وصفاته : الا عن نسيان الله ربه ورب العالمين ، وعن غفلة عما خلق له في هذه الدار من الابتلاء والامتحان ، غفلة عن مراقبة ربه الرقيب الشهيد الحسيب وعن وعما أعد له في الحياة الآخرة التي لا ريب فيها . والتي يجزيه فيها الرب العليم الحكيم الجزاء الأوفي واذا تدبرت هذا فهمت معنى قول ابن مسعود ، بل وفهمت حقيقة الصلاة ر سر مقابلتها في المنافقين بنسيان الله وأنها توثيق صلتك بربك الغني الحميد بتقديرك لنعمه وادامة شكره فانك الفقير الذى لا سعادة لك الا بتوثيق
صلاتك به .