اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم - ت الفقي والصابوني

أحمد بن عبد الحليم

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

۱۷
والمنافقين
قال سبحانه : ( ٥ : ٤٨ ، ٤٩ وأنزلنا اليك الكتاب بالحق ، مصدقاً لما بين صفات المؤمنين يديه من الكتاب ومهيمناً (۱) عليه ، فاحكم بينهم بما أنزل الله ، ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق، لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم ، فاستبقوا الخيرات ، الى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون . وأن احكم بينهم بما أنزل الله ،
ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك ..) الآية ومتابعتهم في هديهم : هي من اتباع ما يهوونه ، أو مظنة لاتباع ما يهوونه ،
وتركها معونة على ترك ذلك ، وحسم لمادة متابعتهم فيما يهوونه . واعلم أن في كتاب الله من النهي عن مشابهة الأمم الكافرة وقصصهم التي فيها عبرة لنا بترك ما فعلوه كثير . مثل قوله ، لما ذكر ما فعله بأهل الكتاب من المثلات (۲) ( ٢:٥٩ فاعتبروا يا أولى الأبصار ) وقوله ( ١١١:١٢ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ( وأمثال ذلك .
ومنه ما يدل على مقصودنا ، ومنه مافيه اشارة وتتميم للمقصود . ثم متى كان المقصود بيان أن مخالفتهم واجبة علينا ، فهذا انما يدل عليه بعض الآيات دون بعض .
ونحن ذكرنا ما يدل على أن مخالفتهم مشروعة في الجملة ، اذ كان هذا
المقصود هنا

وأما تمييز دلالة الوجوب أو الواجب عن غيرها ، وتمييز الواجب عن غيره : فليس هو الغرض هنا .
وسنذكر ان شاء الله : أن مشابهتهم في أعيادهم من الأمور المحرمة ، فانه المسألة المقصودة هنا بعينها ، وسائر المسائل سواها انما جلبها الى هنا : تقرير القاعدة الكلية العظيمة المنفعة
هو
(۱) ومهيمناً : أي شاهداً ومصدقاً ، قال الشاعر :
ان الكتاب مهيمن لنبينا
والحق يعرفه ذوو الألباب
(۲) المثلات : أي عقوبات أمثالهم من المكذبين
٢ - الصراط
-