اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم - ت الفقي والصابوني

أحمد بن عبد الحليم

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

الرومية قولاً وعملاً ، والآثار الفارسية قولاً وعملاً : ما لا خفاء فيه على
مؤمن عليم بدين الاسلام ، وبما حدث فيه .
المستقيم
وليس الغرض هنا تفصيل الأمور التي وقعت في الأمة مما تضارع (۱) طريق المغضوب عليهم أو الضالين ، وان كان بعض ذلك قد يقع مغفوراً لصاحبه : اما لاجتهاد أخطأ فيه ، واما الحسنات محت السيئات ، أو غير ذلك وانما الغرض : أن تتبين ضرورة العبد وفاقته الى هداية الصراط المستقيم، وأن ينفتح لك باب الى معرفة الانحراف لتحذره . ثم ان الصراط المستقيم : هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات ، امور الصراط وارادات ، وغير ذلك ، وأمـوز ظاهرة من أقوال ، وأفعال قد تكون عبادات ، وقد تكون أيضاً عادات : في الطعام ، واللباس ، والنكاح ، والمسكن والاجتماع والافتراق ، والسفر والاقامة ، والركوب ، وغير ذلك . وهذه الأمور الباطنة والظاهرة : بينهما - ولابد - ارتباط ومناسبة . فان ما يقوم بالقلب من الشعور والحال : يوجب أموراً ظاهرة ، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال : يوجب للقلب شعوراً وأحوالا . وقد بعث الله عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنته ، وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له
.
فكان من هذه الحكمة : أن شرع له من الأعمال والأقوال ما يباين سبيل المغضوب عليهم ، والضالين . وأمر بمخالفتهم في الهدى الظاهر ، وان لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة ، لأمور : -
منها : أن المشاركة في الهدى الظاهر ، تورث تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين يقود الى الموافقة في الأخلاق والأعمال . وهذا أمر محسوس • فان اللابس لثياب أهل العلم - مثلاً واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلا ، يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم ، طبعه مقتضاً لذلك ، الا أن يمنعه ذلك
ويصير
-
يجد من نفسه نوع انضمام اليهم .
من
مانع .
(۱) تضارع : أي تماثل وتشابه ومنه حديث : اني أخاف أن تضارع
وارتباطها
ببعضها
أي أخاف أن يشبه فعلك الرياء « النهاية لابن الأثير
.