التعليقات البهية على مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية

أبو عمر القلموني

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

،
الحمد لله رب العالمين ، أنزل كتابه موعظة للناس أجمعين ، وهدى للمتقين ، ونوراً للمهتدين وروحاً تحيا به قلوب المؤمنين ، ورحمةً لمن استجاب منهم ، وشفاء لما في الصدور . به يفرح المؤمن غاية الفرح ، ومن آياته يستمد العلم والهدى والنور ، فهو صراط الله الموصل إلى رضوانه وجنته ، وحبله الذي لا ينقطع ، ونوره الذي لا ينطفئ ، وعلمه الذي به العالم ينتف وذكره الذي به العبد يرتفع
أشهد أن لا إله إلا هو لا شريك له الملك الحق المبين ، الرحمن الرحيم ، العليم الحكيم ، تكلم بالقرآن وأنزل به جبريل عليه السلام، على خير الأنام ، ليكون الصراط الموصل لهم إلى دار السلام . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، أرسله الله رحمة للعالمين ، على حين فترة من الرسل ، وانقطاع من الوحي ، وانتشار لظلماتِ الشرك والجهل والضلال ، فأنزل عليه كتابة الكريم ، بلسان عربي مبين ، وأمره بتبليغه وبيان ما فيه . فأدى رسالة ربه على التمام ، وبلغ الناس وحي الله أكمل بلاغ ، وبين لهم بلسانه وحاله مراد الرب سبحانه حتى اتضح المراد ، فأخرج الله به الناس من ظلماتِ الجهلِ والضلالِ والشرك ، إلى نور العلم والهدى والإيمان ، وما توفاه الله تعالى إلا بعد أكمل به الدين ، وأتم به النعمة على العالمينَ
صلوات الله وسلامه عليه وعلى أصحابه سادة أصحاب النبيين ، أولي العلم والهدى والعمـــل
واليقين ، من رضي
الله
عنهم
إلى يوم الدين .
في نصوص آيات كتابه المبين ، وجعل هديهم وسبيلهم سبيلاً للمؤمنين
وعلى التابعين لهم بإحسان ، ومن اهتدى بهديهم وسار على نهجهم إلى يوم .
وبعد ،،
الدين .
فإن أهم ما انتفع به العبد ، وتزوَّدَ به إلى دار القرارِ ، واستعد به للقاء الرب الرحيمِ الغفــــارِ تلاوة كلام الله تعالى ، وتفهم آياته ، وتدبر معانيه ، ومعرفة مرادِ الرب سبحانه من خلاله ، والعملُ بما يستطيع من ذلك . فبذلك يهتدي للتي هي أقومُ ، ويتَّعظ ويتذكَّرُ ، فينال شرف القرب من ربِّه ، وذكره في ملئه ، ورحمته يوم لقائه ، وارتفاعه في جنته بقدر قراءته وانتفاعه ومن المعلومِ الثابت في كتاب الله المبين ، أن الله ل إنما أنزل كتابه ليفهم ويُتدبر ، ويُتلى وبـــه ل ، فقال سبحانه : ( كِتَبُ أَنزَلْنَهُ إِلَيْكَ مُبَرَكَ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَتِهِ