عناية الملك عبد العزيز اطلاعا ونشرا

عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فالملك عبد العزيز - رحمه الله - من الشخصيات الفريدة في تاريخنا المعاصر ، وكانت مسيرته الخيرة في بناء كيان دولته العربية السعودية مثار إعجاب ودهشة كل من عرفه . أو كتب عن تاريخه ، وما أكثر الذين كتبوا عن سيرته ومنجزاته وصفاته ووقف الكثير منهم أمامها وقفة إجلال وإكبار وتقدير لما عرفوه عنه من مواقف وصور حية ورائعة في التضحية والفداء والإخلاص ، والورع والتقوى ، والصدق والوفاء والكرم ، والبناء والتشييد ، والعلم والمعرفة ، والحكمة ، والحرص على مصالح شعبه خاصة ، وأمته العربية والإسلامية بعامة، وسياسته الواعية داخل البلاد وخارجها ، وتطلعه دائماً إلى ـراقي التقدم والتطور لبلاده
6
وعلى الرغم من ظروف النشأة التي صاحبت كفاح الملك عبد العزيز ونضاله في إرساء دعائم الدولة إلا أن هاجس التزود من المعرفة والثقافة ظل شغله الشاغل ويمكن للباحث المتأمل إدراك أن مسيرة التجربة الثقافية والفكرية لدى الملك عبد العزيز - رحمه الله - كانت ذات صلة وشيجة بالبيئة التي نشأ فيها حيث أمضى فترة من عمره يستنير بتوجيهات والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل الذي يعد شخصية مرموقة في الأسرة يتمتع بصفات قيادية وخبرة ، ومزاولة بصيرة لشئون الحكم والقيادة، إلى جانب الفقه والعلم بأحوال العرب وتاريخهم ، وقد عركته تقلبات الأحوال والفتن ، وظل في خضمها شامخ الرأس ، صلب العود ، قوي البأس ، معتزاً بدينه وعروبته وما يتمتع به من قيم ومثل عليا جعلته في أحلك الظروف يأبى عرض الدولة العثمانية في مد يد المساعدة ، كما رفض اللجوء إلى الحماية البريطانية ، وفي معترك الأحداث ، وتقلباتها اتجه الأب الرائد المصلح إلى العناية بأبنائه وتوجيههم التوجيه السديد ، وأذكى فيهم عبق تاريخ آباءهم وأجدادهم وما يحفل به من أمجاد ، وبرز منهم ابنه البار عبد العزيز الذي لمح فيه والده مخايل النجابة ، وحب المغامرة ، وروح الفداء ، والاعتزاز بدينه وعقيدته ، وماضيه التليد مع التطلع إلى المستقبل المجيد ، فسلمه دفة القيادة واستطاع بتوفيق الله أن يقود