مقدمات العلوم والمناهج

أنور الجندي

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

مدخل
الرسالة الأولى :
مخططات التبشير والاستشراق
مع وجود هذا
ظهرت في السنوات الأخيرة وثائق كثيرة كانت خافية على المسلمين والعرب لها أثرها الكبير في مصارهم ومقدراتهم وإليهما يمكن تفسير أسباب هزيمتهم ونكبتهم ومنها يوجد المنطلق إلى الأصالة الحقة بعد هزيمة لويس المناسح في المنصورة وجنوحه إلى التأمل في نتيجة خطته التي جرت عليه الهزيمة والاعتقال فقد كتب مذكرة خطيرة أشارت إليها مراجع عديدة من كتب التاريخ الفرنسي وذكرها مؤرخه جوانفيل يحدد بها الموقف من العالم الاسلامى بعد هذه السنوات الطويلة من الحروب الصليبية والمعروف أن لويس كان يقود الحملة الثامنة . لقد أشار لويس التاسع في وثيقته إلى أنه لا سبيل إلى السيطرة على المسلمين عن طريق الحرب أو القوة ، ذلك لأن في دينهم عامل حاسم : هو عامل المواجهة والمقاومة والجهاد وبذل النفس والدم رخيصاً في سبيل حماية العرض والأرض وأنه المعنى عند المسلمين فمن المستحيل السيطرة عليهم لأنهم قادرون دوما إنطلاقاً من عقيدتهم إلى المقاومة ودحر الغزو الذي يقتحم بلادهم ، وأنه لابد من إيجاد سبيل آخر من شأنه أن يزيف هذا للفهوم هند المسلمين حتى يصبح مفهوماً أدبياً أو وجدانيا وإيجاد ما يبرره على نحو من الأنحاء بحيث تسقط خطورته وارقاعته وأن ذلك لا يتم إلا بتركيز واسع على الفكر الاسلامى وتحويله عن منطلقاته وأهدافه حتى يستسلم المسلمون أمام لقاء القوى الغربية وترويض أنفسهم على تقبلها على نحو من أنحاء الاحتواء أو الصداقة أو التعاون وحتى نحصل على نص وثيقة لويس التاسع التي لم نتمكن من الحصول إلا على مقتطفات منها فما أورده الاستاذ محمد على الفتيت في كتابه من الحروب الصليبية إلى حرب السويس فإن الضرورة تقضى بدراسة هذا الهدف الذى كان له أثره في ذلك المنحنى الخطير الذي تحولت إليه علاقات الغرب مع عالم الاسلام ، هذا الهدف الذي جندت له قوى التبشير والاستشراق والتغريب والغزو الثقافي في خطة محكمة مديرة ما زالت مفروضة على العالم الاسلامي منذ عام ٥١٥ هجرية الموافق ۱۱۲۱ م ، هذه الخطة التي سيطرت عليها من بعد قوى للصهيونية العالمية مما ستفسره فيما بعد الهدف هو : إيقاف توسع الإسلام ومحاصرته من ناحية واحتوائه فكريا حتى يصبح عجينة طبيعة في يد : الفكر العالمي الأعمى تمهيداً للوثوب عليه ومن الوسائل إنشاء مؤسسة الحرب الكلمة واستخدام من يمكن إغرائهم من أقليات الشرق وإنشاء قاعدة للغرب في قلب الشرق الإسلامي يتخذها الغرب نقطة ارتكاز ومركزاً لدعوته السياسية والدينية وقد عين لويس التاسع مكان تلك القاعدة في الأراضي الممتدة على ساحل البحر المتوسط من لبنان إلى فلسطين والأردن وسوريا ولا ريب أن أولى علامات وصية لويس التاسع بعد هزيمته في المنصورة إنما أوحى بنهاية خطة وبداية خطة أخرى أشد عنفاً وإن كانت أطول معركة بما يثمن إن الحروب الصليبية ومرتها كانت تتمثل في إنطلاق المخطط الجديد :
http://kotob has.it.