مقدمات العلوم والمناهج

أنور الجندي

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

بسم الله الرحمن الرحيم
( يقول صاحب كشف الطنون أن التأليف على سبعة أقسام لا يؤلف عالم عاقل إلا فيها : وهي إما شيء لم يسبق إليه فيبتكره ، وإما شيء ناقص فيتمه وإما شيء مغلق فيشرحه وإما شيء طويل فيختصره وإما شيء مفرق فيجمعه وإما شيء مختلط فيرتبه وإما شيء أخطأ فيه مصنفه فيصلحه ).
منتوج البحث
.
و
يمر الفكر الإسلامى اليوم ) والثقافة العربية جزء منه ) بمرحلة دقيقة عميقة الأثر بعيدة المدى في مستقبل العالم الاسلامى والأمة العربية والإسلام واللغة العربية . وهي قريبة الشبه بالمرحلة التي مر بها المسلمون والعرب خلال مرحلة الغزو الأجنبي الخارجي في القرن السادس والسابع الهجريين ، وما اتصل بها من ظهور أزمات المجتمع والفكر وكانت موضع التحدى للمفكرين المسلمين من ناحيتين : ) الأولى ( من ناحية إعادة صياغة الفكر الإسلامى من جديد على نحو يمكنه من مواجهة الغزو . ( الثانية ) من ناحية تفنيد ودحض ما يوجه إلى الفكر الاسلامى من شبهات وتحديات . ولا شك أن المفكرين المسلمين والعرب مدعوون لمواجهة هذه المرحلة، والتصدى للرد على التحديات، وهو عمل خطير ودقيق وشاق، يتطلب رؤيا كاملة شاملة لأبعاد المجتمع والفكر جميعاً ، بعيداً عن الجزئية والإقليمية فلا بد من مراجعة كاملة للميراث الاسلامي ، مع دراسة شاملة لأحدث آثار الفكر البشري المعاصر ، والنظر في الخلفية التاريخية لحركة التبشير والتغريب والشعوبية التي يشنها الاستعمار على الفكر الاسلامي والثقافة العربية بحسبانها الركيزة الأساسية التى إذا أمكن هدمها وإزالتها - وهو من ا ن المستحيلات - أمكن القضاء على مقومات المسلمين والعرب وإذا بتهم في بوتقة الفكر الغربي والحضارة الغربية، أتباعا أذلة وعبيداً ضائعين . ومن هنا كان لابد من مصابرة طويلة لمراجعة آثار الفكر الاسلامي والنظر إليه نظرة شاملة تستهدف البحث عن مقاصد الاسلام وأسسه وقيمه التى قام عليها هذا الفكر ، فإن أخطر ما منيت به الثقافة العربية المعاصرة في نظرتها إلى القديم والجديد هو : (۱) النظرة الجزئية . (٢) القشرية و عدم التعمق (۳) هدم التفرقة بين الحضارة والثقافة ومن حق أننا نتقبل الحضارة الحديثة من حيث هی علم وتكنولوجيا لنكون على مستوى الأمم ولكنا لا نقبل ثقاءة الأمم الحديثة إلا بقدر ما تعملى ثقافتنا من قوة وحيوية ، على أن تظل قيم فكرنا الاسلامي الأساسية هي الأرضية الأساسية والقاعدة العريضة ، والاطار الواسع الذى تتحرك فيه ، ولا بد أن تكون قيمنا الثقافية ( العقلية والروحية